من نواقـض لا إلــه إلا الله فى قضية التوسل
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وبعد: قال تعالى { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا }{الإسراء111}إن الله عز وجل سبحانه وتعالى الولي الحق خلق كل شيء وحده لم يشاركه أحد المتصرف في الملك وحده لا يشاركه أحد من خلقه في الخلق والأمر فهو ليس له وزراء أو نظراء أو مشيرين أي أعوان ليعينوه على قيام ملكه وقضاء حوائج عباده فإن الإله الحق الذي يستحق العبادة هو الله وحده لا شريك له الذي خلق وأنعم علينا بكل شيء نحتاجه في الدنيا والآخرة فإن الله هو النافع والضار بكل ما تحمل الكلمة من معاني فإذا سألت الله بنبي أو ملك أو عبد صالح أو أي مخلوق ليشفع لك عند الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات فقد سألت غير الله وأشركت لأنك اعتقدت أن هذا الشيء يستطيع أن ينفعك أو يضرك عند الله إذاً هو إله ينفع ويضر مع الله إذاً هو ند لله إذاً هو يشارك الله في الأمر إذاً هو إله معبود مع الله وهذا هو الشرك بالله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيراً إن مشركي العرب الكفار الذي قاتلهم رسول الله كانوا يقرون بتوحيد الربوبية مصداق ذلك قوله تعالى { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } {الزمر38} وكانوا يكفرون بتوحيد الألوهية فعبدوا مع الله اللات والعزى الأصنام التي كانوا يتخذونها وسطاء بينهم وبين الله فتوسلوا بهذه الأصنام إلى الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات عند الله وجاء مشركو هذا العصر الذين يزعمون الإسلام ويقولون لا إله إلا الله بألسنتهم وتأبى قلوبهم المريضة بالشرك وأعمالهم المنافية لهذه الكلمة ويصلون ويصومون وسألوا الله بأولياء الله الصالحين الأموات أصحاب القبور فجعلوهم وسطاء بينهم وبين الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات فتألهت قلوبهم للموتى فتوسلوا بهم إلى الله في الدعاء فأشركوا وكفروا وفعلوا نفس فعل مشركي قريش ولكن الآلهة تغيرت فعبدوا النبي والحسين والسيدة وغيرهم من أولياء الله الصالحين الأموات فتوسلوا بهم إلى الله واستعانوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم وتمسحوا بقبورهم وعكفوا عندها وسجدوا لهم وصلوا في هذه المساجد الشركية وولوا أمورهم إليهم ورغبوا فيهم ورهبوا منهم وهم أموات لا يشعرون بدعائهم ولا ينفعون ولا يضرون ولا يشعرون أيان يبعثون ومن أقوالهم الشركية يقول الرجل (أنا سايق عليك النبي تغفر لي يا رب) وآخر يقول (أسألك بحق هذا المقام) وآخر يقول (أسألك بحق جاه النبي أو أتوسل إليك بالنبي أو الحسين أو غيره أو مدد يا رسول الله أو مدد يا ست أو نظرة يا ست ....... إلخ) من التوسلات بغير الله وقد حكم الله على من سأل ودعاه وتوسل إليه بالأنبياء والصالحين بالشرك والكفر ومصداق ذلك قوله تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}{الزمر3}وقوله تعالى{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }{يونس18}الآيات تبين لنا أن من ولى أمره لغير الله للتقرب إلى الله مشرك وكافر وكذاب فإن الله الغني لم يتخذ الأنبياء والصالحين وزراء أعوان ليرفعوا له حوائج عباده فإن الله لا يفتقر لأحد من خلقه ليوليه أمر العباد وقد نفى القرآن هذا التوسل الشركي بالأنبياء والصالحين ومن هؤلاء المشركين من يأتيه الشيطان في نومه ويخيل له أنه النبي الفلاني أو الولي الفلاني ويأمره أن يذهب إلى قبره في المسجد الفلاني ليذبح له ويطوف حوله ويصلي وصدق الله { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا }{مريم75} ويستمر القرآن الشافي بإذن الله لمرض القلوب المريضة بالشرك إن محمدا() أفضل الأنبياء والرسل لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ولا غيره من أولياء الله قال تعالى{ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا }{الرعد16} وقد قال رسول الله() لابنته فاطمة سليني من مالي ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئا){رواه البخاري} إن رسول الله لم ينفع عمه أبو طالب وهو من أصحاب الجحيم ولن ينفع الذين يقولون نحن ننتسب إلى النبي وآل بيته من الصوفية والشيعة وغيرهم الذين اتخذوا أولياء الله الصالحين وسطاء بينهم وبين الله في الدعاء بهذا التوسل الشركي ولن ينصرهم من الله من أحد وما هم بخارجين من النار لأنهم أشركوا وماتوا على شركهم ولن تنفعهم شفاعة الأنبياء والملائكة والصالحين قال تعالى{ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } {المدثر48}أما الشفاعة فتكون لأهل التوحيد الذين لم يشركوا بالله شيئا .فالدعاء هو العبادة قال تعالى { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }{غافر60} فجعل الله الدعاء بينه وبين عبده من غير هذه الوساطة الشركية قال تعالى { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي }{البقره186} الدعاء لله والذبح لله والنذر لله والطواف بالكعبة لله والشكوي لله والاستعانة بالله والخوف والرجاء من الله والحياة والموت لله فهذه الأعمال عبادة لله فاذا صرفها العبد لغير الله فقد أشرك بالله لأن عمله لغير الله لابد أن يكون كل شيء لله قال تعالى { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }{الأنعام162} التوسل المشروع هو التقرب إلى الله بأسمائه وصفاته وبالأعمال الصالحة مثل الصلاة والصوم0 والتوسل الشركي هو التقرب إلى الله بالأنبياء والصالحين ولتعلم الناس كافة أن الصحابة رضي الله عنهم سألوا النبي أن يدعو الله لهم أن ينزل المطر وهو حي معهم ولم يذهبوا إلى قبره بعد موته وتوسلوا به إلى الله لأنهم يعلمون أن هذا هو الشرك ولأن بناء المساجد على قبور الصالحين ذريعة للشرك نهى الله ورسوله عن بناء المساجد على القبور وعن الصلاة في هذه المساجد وحكم الله على من صلى في هذه المساجد بالكفر والشرك ولعنهم وغضب عليهم وجعلهم من شرار الخلق ولأن قلوبهم مريضة بالشرك فقد استحلوا ما حرم الله وذهبوا إلى هذه المساجد للصلاة ليكونوا بجانب آلهتهم المزعومة فبذلك كفروا كفر بواح مخرج عن ملة الإسلام قال تعالى {أليس الله بكاف عبده} الآيات كل ما تريده وتحتاجه عند الله فلماذا تذهب إلى غير الله في هذه المساجد وقلبك مشغول بصاحب القبر ترجو قال تعالى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا }{الجن18} وعن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله() (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) {رواه البخاري} وعن جندب قال سمعت رسول الله قبل أن يموت يقول {ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك}{رواه مسلم} وعن ابن مسعود مرفوع {أنه من شرار الخلق من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين اتخذوا القبور مساجد}{رواه أحمد} وفى رواية قال رسول الله(){اللهم لا تجعل قبري وثناً0 يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد}{رواه الموطأ} وقال رسول الله(){لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج}{رواه أهل السنن} وعن أبى الهسياج الأسدي بعثني علي وقال ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله(){ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته}{متفق عليه} ولابد من هدم المساجد التي بها قبور كما أمر الله ورسوله() لأنها أوثان تعبد من دون الله والمشركين يتبركون بكل مكان في هذه المساجد وما بنيت هذه المساجد إلا ليعبد صاحب القبر الميت من دون الله الحي وفعلوا أفعال اليهود والنصارى وأقاموا الموالد مثل مولد السيدة والحسين وهذه الموالد الباطلة لم ينزل الله بها من سلطان فذبحوا لغير الله وصنعوا الحلوى في مولد النبي وأكلوا هذه الأطعمة التي حرمها الله لأنها موهوبة لغير الله واتخذوا علماء الضلالة أرباباً يشرعون لهم من دون الله فازدادوا شركاً وكفراً. الرد على الشبهات: قال تعالى{ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا }{الكهف21} قال علماء أهل السنة والجماعة الآيات تشير إلي أهل الغلبة والهوى الضالين كما هو حاصل في زمننا هذا ولتعلم الناس كافة أن مسجد النبي() أسس على التقوى فلما مات النبي () دفن في حجرة عائشة وحجرة أم المؤمنين عائشة بعيدة عن المسجد وأغلقت الحجرة وأصبحت قبر النبي ()0 وكانت عائشة تصلي وتسكن في حجرات أمهات المؤمنين الأخرى وفى عهد الخلفاء الراشدين الأربعة تم توسعة المسجد من جميع الجهات إلا الجهة التي بها قبر النبي() ولما تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة أمر بتوسعة المسجد النبوي وأدخل حجرة عائشة التي بها قبر النبي() في المسجد مخالفاً بذلك أمر الله ورسوله() وهذا ظرف تاريخي وليس شرعاً أمر الله به والصلاة في مسجد الرسول صحيحة لأنها من المساجد التي يشد إليها الرحال بأمر من الله ولا توجد مقارنة بين مسجد النبي () والمساجد الضرار التي بنيت على قبور الصالحين التي تدعو إلى الشرك والكفر وقد يقول قائل إذا وجبت الصلاة ولا يوجد إلا مسجد به قبر ماذا أفعل نقول لا تصلي في هذه المساجد النجسة وصلي في بيتك أو على الأرض لأن النبي() قال{جعلت لي الأرض مسجداً طهورا} فمن يرد أن يكون من أولياء الله ومع الأنبياء والصالحين في الجنة فليعبد الله ولا يشرك به أحداً ولا يشرك به شيئاً قال تعالى{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }{النساء69}0 يا عباد الله اعبدوا الله ما لكم من إله غيره 0فاعلم أنه لا الة إلا الله 0 قال تعالى{ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) {النمل }وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين....
السعوديه- مكه- المدينه- الرياض
لشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله